بسم الله الرحمن الرحيم وبه نستعين
اللهم انفعنا بما علّمتنا وعلّمنا ما ينفعنا وزدْنا علمًا، وأرنا الحقّ حقًّا وارزقنا اتّباعه، وأرنا الباطل باطلاً وارزقنا اجتنابه، واجعلنا ممَّن يستمعون القول فيتّبعون أحْسنه، وأدْخلنا برحمتك في عبادك الصالحين.
والحمد الله رب العالمين
عن أبي ذر الغفاري قال : أوصاني خليلي بأربع كلمات هن إليّ أحب من الدنيا وما فيها قال لي : يا أباذر :"أحكم السفينة فإنّ البحر عميق , واستكثر الزاد فإنّ السفر طويل , وخفف ظهرك فإنّ العقبة كؤود , وأخلص العمل فإنّ الناقد بصير " رواه الإمام المقدسي .
يامن تريد النجاة
جدد السفينة ، فإن البحر عميق ..وأكثر الزاد فإن السفر طويل
وخفف الحمل فإن العقبة كؤدد ..
وأخلص العمل فإن الناقد بصير
فاليوم عمل لا حساب ، وغداً حساب لا عمل .!
لله (سبحانه وتعالي ) در من قال :
إذا لم يكن للمرء أعين يري بها * فلا أشك أن لا يري في الضحي
ومن اتبع هواه عميت بصيرته * فلا يبصر في الضحي ولا في الدُّجى
ابو زر الغفاري من أصحاب الهمم العالية من الذين نالوا معالي الأمور والعزائم القوية. أوصاه النبي المختار بوصية غالية بقوله ( يا أبا ذرّ جدّد السفينة فإنّ البحر عميق، وأكثر الزاد فإنّ السّفر طويل، وأخْلص العمل فإنّ الناقد بصير، وخفّف الأثقال فإنّ في الطريق عقبةً كؤود لا يقطعها إلا المخفّون.) فالجنة محفوفة بالمكاره، قال ابن القيم -رحمه الله-: "علو الهمة أن لا تقف دون الله، ولا تتعوَّض عنه بشيء سواه، ولا ترضى بغيره بدلا منه، وأعلى الناس همة وأرفعهم قدرًا من لذتهم في معرفة الله ومحبته والشوق إلى لقائه، قال تعالى)قُلْ بِفَضْلِ اللّهِ وَبِرَحْمَتِهِ فَبِذَلِكَ فَلْيَفْرَحُواْ هُوَ خَيْرٌ مِّمَّا يَجْمَعُونَ( سورة يونس الآية 58 وقال ابن القيم أيضا ولله در الهمم "ما أعجب شأنها , وأشد تفاوتها ,فهمة متعلقة بالعرش , وهمة حائمة حول الأنتان والحش (القازورات والأوساخ )" ,ولا غرابة أن رسول الله وجه الصحابة أن يعملوا بقدر ما يطيقون فكانت علو همتهم لا يدانيها همة ويتسابقون في المعالي السامية فحرصوا علي ما ينفعهم ولم بفعلوا ما يضرهم أو يشينهم , واستعانوا بالله وحده لا شريك له ولا ند ولا ولد ولم يعجزوا أو يتكاسلوا فكان لهم ما أراد الله جلي في علاه لهم فرضي عنهم وتاب عليهم ومنحهم جنات الفردوس وأمرهم إذا كان في يد أحدهم فسيلة (شتلة ) في ساعة قيام الساعة فاليغرسها إن استطاع فكانت لهم المعالي العليا والسمات الرفيعة والخلق القويم وغرس الصحابة رضي الله عنهم في التابعين وفي الصالحين من بعدهم هذه السمات النبوية الرفيعة وعلوالمعالي والهمم الباسقة المضيئة علي المحجة البيضاء ليلها كنهارها أنظر الي علو الهمم كم كان للتابعين والصالحين من ذلك الكثير فمكث الطبري رحمة الله عليه أربعين سنة يكتب يوميا أربعين صفحة في التاريخ وابن الجوزي رحمة الله عليه يقول : نظرت الي علو الهمة فرأيتها عجبا فإني أروم في كل العلوم والعمر ماضي لا يتوقف وأعجز عن بعضه وأعمل بالعلم وإفادة الخلق ولا ألي وأستغني عن الخلق وأشتغل بالعلم عن مانع الكسب الكثير لكي لا يضيع من أنفاسي نفس في غير فائده .
فصاحب الهمة العالية يأمل في قبر روضة من رياض الجنة بعدها جنات فيها مالا يخلد بخلد بشر ولذلك كانت دنياهم عبادة لا تنقطع من قيام وركوع وسجود خشوع دائم وقراءة الذكر والتدبر في قرآن لا يأتيه الباطل من بين يديه ولا من خلفه وعملوا بوصية النبي فحازوا الدنيا والآخرة فقد قال من كانت الآخرة همة : جعل الله غناه في قلبه , وجمع له شمله , وأتته الدنيا وهي راغبه , ومن كانت الدنيا همه : جعل الله فقره بين عينيه , وفرق شمله , ولم يأته من الدنيا إلا ما قدر له .
ويقول الحسن البصري (رحمه الله ) : من نافسك في دينك فنافسه , ومن نافس في دنياه فألقها في وجهه ونحره .
انظر معي واتعظ فأصحاب المعالي والهمم العالية يترفعون عن سفاسف الأمور وإضاعة الأوقات,. جادين في الطريق بنور وهدي من رب العالمين وقالوا سمعنا وأطعنا سمعوا القرآن فعملوا به وبسيرة النبي المختار وأصحابه الغر الميامين ومن تبعهم بإحسان إلي يوم الدين , نشاط في العمل ولا تراخي في الكسل لا يسرقون الناس ولا يأكلون الحرام ولا يتسترون تحت شهاداتهم الدنيا في دكتوراه في الطب أو ليسانس في الحقوق أو غيرها من الشهادات الدنيويه ويظنون أنهم مانعتهم من العقاب فغفلوا عن الله جلي في علاه فهل يعرفون أن مكرهم مردود عليهم مهما صلوا وصاموا وأقاموا الفرائض وهم في الدرك الأسفل من النار أنظر لقوله تعالي ( يخادعون الله وهو خادعهم ) صاحب الهمة سباق الي الخيرات , ومن المأثور : إذا هممت بخير , فبادر به , وإذاهممت بفسق أو شر فاهرع الي الضوء والصلاة وقراءت القرآن فأصحاب الهمم يتعبون ويقاسون في طريق الصعود لدرجات الكمال , تعب يعقبه فرحه , ويظفرون من الله جلي في علاه نعيم لا شقاء بعده فابن القيم رحمة الله عليه يقول : أجمع علماء الأمة وعقلائها أن النعيم لا يدرك بالنعيم , ومن آثر وسرقة الناس فاتته الراحة , وبحسب ركوب الأهوال واحتمال المشاق تكون الفرحة واللذة , فلا راحة لمن لا هم له , ولا لذة لمن لا صبر له , زلا نعيم لمن لا شقاء له , ولا راحة لمن لا تعب له , فإذا تعب العبد قليلا , استراح طويلا , فالراحة والنعيم في دار السلام , فأما في هذه الدار فكلا ولا .
وقال محذرا من ضعف الهمة وفتور العزيمة الذي يؤدي إلي التفلت من أحكام الدين والتهاون في أداء الواجبات , والتسويف في القيام بالعبادات ,:اغتنم خمسا قبل خمس : أ – حياتك قبل موتك , ب – وصحتك قبل سقمك , ج – وفراغك قبل شغلك , د – وشبابك قبل هرمك , ه – وغناك قبل فقرك . ويقول أيضا بادروا بالأعمال قبل أن تدرككم فتنا كقطع الليل المظلم , يصبح الرجل مؤمنا ويمسي كافرا , أو يمسي مؤمنا ويصبح كافرا يبيع دينه بعرض من الدنيا .
فلا همة ولا مراتب عاليه ولا نصرة لديننا وأمتنا إلا باتباع هديه
وذلك *بقراءة القرآى وتدبر آياته وأحكامه ومواعيظه والوقوف أمام آيات العذاب وهلاك الظالمين والمجرمين ووعيد الله سبحانه وتعالي لهم.
*تدبر سيرة النبي
*تدبر سيرة الصحابة رضي الله عنهم وأرضاهم
*تدبر سيرة الهاديين المهديين أصحاب الهمم .
*حضور مجالس العلم والتفقه في الدين .
* التفكير والتأمل في الحال والمآل .
فالجنة غاليه فهي سلعته سبحانه وتعالي لعباده المخلصيين ولكنها محفوفة بالمكاره ,
ومن أراد السعاده , تجمل بالصبر في العبور علي جسر المشقة بالجد والإجتهاد , وقال ابن القيم ( رحمه الله ) : فالهمة العالية تتعلق بصاحبها دون غيره وإذا كانت النية صحيحة , تقوده للطريق والهمة تقوده للمطلوب , فإذا توحدت النية والهمة كان الوصول غايته , قال الله سبحانه وتعالي (وَالَّذِينَ جَاهَدُوا فِينَا لَنَهْدِيَنَّهُمْ سُبُلَنَا وَإِنَّ اللَّهَ لَمَعَ الْمُحْسِنِينَ ) الآية :(69) سورة العنكبوت
(رَبِّ اغْفِرْ لِي وَلِوَالِدَيَّ وَلِمَنْ دَخَلَ بَيْتِيَ مُؤْمِنًا وَلِلْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ (نوح: 28
واستودعكم الله سبحانه وتعالي حتي القاكم لوكان في العمر بقية
المهندس الإستشاري / طلعت هاشم عبدالجيد